للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَرْدَاوِيُّ: وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخَرَقِيِّ وَطَائِفَةٌ أَنَّ مَا يُكَال وَيُوزَنُ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ مَقْبُوضًا (١) .

الْقَوْل الثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ، بَل إِنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ مَعَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً (٢) .

وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ إِلَى لُزُومِ الْهِبَةِ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول لِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ، وَلأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَزِمَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ (٣) .

وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ إِجْبَارُ الْوَاهِبِ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنَ الْقَبْضِ حَيْثُ طَلَبَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَلَهُ طَلَبُهَا مِنْهُ حَيْثُ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ، قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: الْقَبُول وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ، إِلاَّ أَنَّ الْقَبُول رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ، وَتَبْطُل الْهِبَةُ إِنْ تَأَخَّرَ حَوْزُهَا لِدَيْنٍ مُحِيطٍ بِمَال الْوَاهِبِ وَلَوْ بَعْدَ


(١) كشاف القناع ٤ / ٣٠٠، والإنصاف ٧ / ١٢٠ - ١٢١، والمغني والشرح الكبير ٦ / ٢٤٦.
(٢) الخرشي ٧ / ١٠٤، ١٠٧، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٠١.
(٣) المغني مع الشرح ٦ / ٢٤٦.