للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلٍ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يَبْطُل الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ (١) .

فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أَمَّ وَلَدٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لِفُلاَنٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ - جَازَتِ الْهِبَةُ وَبَطَل الشَّرْطُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مِمَّا لَمْ تَمْنَعْ وُقُوعَ التَّصَرُّفِ تَمْلِيكًا لِلْحَال، وَهِيَ شُرُوطٌ تُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَتَبْطُل وَيَبْقَى الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ، بِخِلاَفِ شُرُوطِ الرُّقْبَى، وَبِخِلاَفِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ تُبْطِلُهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لاَ يَكُونَ قِرَانُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِعَقْدٍ مَا مُفْسِدًا لَهُ؛ لأَِنَّ ذِكْرَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ فَيُلْحَقُ بِالْعَدَمِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا، إِلاَّ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ - وَلاَ نَهْيَ فِي الْهِبَةِ - فَيَبْقَى الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى الأَْصْل؛ وَلأَِنَّ دَلاَئِل شَرْعِيَّةِ الْهِبَةِ عَامَّةٌ مُطْلَقَةٌ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٢) } وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى التَّرْغِيبِ فِي أَكْل الْمَهْرِ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: تَهَادُوا تَحَابُّوا (٣) وَهَذَا نَدْبٌ إِلَى


(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ١١٧، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج ٢ / ٣٩٨، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٥ / ٣٧١ - ٣٧٢، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ ٦ / ٢٥٦، وَالإِْنْصَافِ ٧ / ١٣٣.
(٢) سُورَة النِّسَاء / ٤.
(٣) حَدِيث: " تَهَادَوْا تُحَابُوا ". سَبَقَ تَخْرِيجه ف ٥.