للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَجْرِ أَهْل الْبِدَعِ وَفُسَّاقِ الْمِلَّةِ، وَظَاهِرُ إِطْلاَقِهِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُبْتَدِعِ الْفَاسِقِ. قَال: وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ وَالأَْجْنَبِيِّ إِذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ تَعَالَى. فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْحَقُّ لآِدَمِيٍّ كَالْقَذْفِ وَالسَّبِّ وَالْغِيبَةِ أَخَذَ مَالَهُ غَصْبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ نَظَرَ: فَإِنْ كَانَ الْهَاجِرُ وَالْفَاعِل لِذَلِكَ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَرْحَامِهِ لَمْ تَجُزْ هِجْرَتُهُ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهَل تَجُوزُ هِجْرَتُهُ أَمْ لاَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (١) .

وَالْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَهْجُرُونَ. حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَنْ ظَاهِرِ كَلاَمٍ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (٢) .

وَالثَّالِثُ: أَنَّ فَاعِل الْمُنْكَرِ إِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِذَلِكَ وَلَيْسَ مُعْلِنًا لَهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ سِرًّا وَسَتَرَ عَلَيْهِ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٣) ، إِلاَّ أَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ، وَالْمُتَعَدِّي لاَ بُدَّ مِنْ كَفِّ عُدْوَانِهِ. وَإِذَا نَهَاهُ


(١) الآْدَاب الشَّرْعِيَّة ١ / ٢٣٨، وغذاء الأَْلْبَاب ٩ / ٢٥٩)
(٢) الآْدَاب الشَّرْعِيَّة ١ / ٢٣٣، وغذاء الأَْلْبَاب ١ / ٢٦٠
(٣) حَدِيث: " منْ ستر مُسْلِمًا. . ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي ٥ / ٩٧ ط السَّلَفِيَّة) ، ومسلم (٤ / ١٩٩٦ ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأخرجه مُسْلِم (٤ / ٢٠٧٤) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظ: " سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ "