للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَكُونُوا مَعَهُ وَيَتَظَاهَرُوا إِنْ حَزَبَهُمْ أَمْرٌ، وَلِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَقَطَعَ اللَّهُ الْوِلاَيَةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، كَمَا قَال جَل ذِكْرُهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (١) } .

وَقَدْ أَكَّدَ هَذَا الْمَعْنَى أَبُو الْوَلِيدِ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَال: فَكَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِهَا وَاجِبَةً مُؤَبَّدَةً، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْبَقَاءَ مَعَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ اسْتَقَرَّ، وَالتَّحَوُّل مَعَهُ حَيْثُ تَحَوَّل، لِنُصْرَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ وَصُحْبَتِهِ، وَلِيَحْفَظُوا عَنْهُ مَا يَشْرَعُهُ لأُِمَّتِهِ، وَيُبَلِّغُوا ذَلِكَ عَنْهُ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لأَِحَدٍ مِنْهُمْ فِي الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ وَتَرْكِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلاَ تَرَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: لاَ يُقِيمَنَّ مُهَاجِرٌ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ فَوْقَ ثَلاَثٍ (٢) ، خَصَّ اللَّهُ بِهَذَا مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْل مَكَّةَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَاجَرَ إِلَيْهِ؛ لِيُتِمَّ لَهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهِ وَالْمُقَامِ مَعَهُ وَتَرْكِ الْعَوْدَةِ إِلَى الْوَطَنِ الْغَايَةَ مِنَ الْفَضْل الَّذِي سَبَقَ لَهُمْ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ


(١) سُورَة الأَْنْفَال / ٧٢
(٢) حَدِيث: " لاَ يُقِيمَنَّ مُهَاجِر بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاء. . . ". أَخْرَجَهُ مُسْلِم (٢ / ٩٨٥ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ الْعَلاَءِ بْن الْحَضْرَمِيّ بِلَفْظ: " يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاء نُسُكه ثَلاَثًا "