للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ الْهِجْرَةُ بَاقِيَةٌ مَفْرُوضَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَصَى، وَيُخْتَلَفُ فِي حَالِهِ.

الثَّانِي: الْخُرُوجُ مِنْ أَرْضِ الْبِدْعَةِ. قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُول: لاَ يَحِل لأَِحَدٍ أَنْ يُقِيمَ بِأَرْضٍ يُسَبُّ فِيهَا السَّلَفُ. قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّ الْمُنْكَرَ إِذَا لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُغَيِّرَهُ فَزُل عَنْهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١) } .

الثَّالِثُ: الْخُرُوجُ مِنْ أَرْضٍ غَلَبَ عَلَيْهَا الْحَرَامُ، فَإِنَّ طَلَبَ الْحَلاَل فَرْضٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ.

الرَّابِعُ: الْفِرَارُ مِنَ الأَْذِيَّةِ فِي الْبَدَنِ، وَذَلِكَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ أَرْخَصَ فِيهِ، فَإِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْهُ وَالْفِرَارِ بِنَفْسِهِ لِيُخَلِّصَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَحْذُورِ. وَأَوَّل مَنْ فَعَلَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَإِنَّهُ لَمَّا خَافَ مِنْ قَوْمِهِ قَال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي (٢) } . وَقَال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٣) } ، وَقَال مُخْبِرًا


(١) سُورَة الإِْنْعَام / ٦٨
(٢) سُورَة الْعَنْكَبُوتِ / ٢٦
(٣) سُورَة الصَّافَّات / ٩٩