للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِوُجُوبِ الْهِجْرَةِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهَا مِمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِظْهَارَ دِينِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ: مَنْ فِي إِقَامَتِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَجُوزُ لَهُ الإِْقَامَةُ فِيهَا. قَال الرَّمْلِيُّ: بَل تُرَجَّحُ عَلَى الْهِجْرَةِ (١) ، أَخْذًا مِمَّا جَاءَ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْلَمَ قَبْل بَدْرٍ، وَاسْتَمَرَّ مُخْفِيًا إِسْلاَمَهُ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ، يَكْتُبُ بِأَخْبَارِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُحِبُّ الْقُدُومَ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ لَهُ أَنَّ مَقَامَكَ بِمَكَّةَ خَيْرٌ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا وَجَبَتِ الْهِجْرَةُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ وَإِطَاقَتِهَا، فَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ بِلاَ رَاحِلَةٍ وَلاَ مَحْرَمٍ.

وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِل وَالرِّعَايَتَيْنِ: إِنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهَا لَمْ تُهَاجِرْ إِلاَّ بِمَحْرَمٍ كَالْحَجِّ. وَزَادَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ: وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ فَلَهَا الْخُرُوجُ حَتَّى وَحْدَهَا (٣) .


(١) تُحْفَة الْمُحْتَاج وَحَاشِيَة الشرواني عَلَيْهِ ٩ / ٢٦٩ وَمَا بَعْدَهَا، وأسنى الْمَطَالِب وَحَاشِيَة الرَّمْلِيّ عَلَيْهِ ٤ / ٢٠٤، ونهاية المحتاج ٨ / ٧٨
(٢) حَدِيث: " أَنَّ الْعَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْلَمَ قَبْل بَدْر، وَاسْتَمَرَّ مُخْفِيًا. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن سَعْد فِي الطَّبَقَاتِ (٤ / ٣١ ط دَار بَيْرُوتَ) ، وذكره الذَّهَبِيّ فِي السَّيْرِ (٢ / ٩٨ - ٩٩ ط مُؤَسَّسَة الرِّسَالَة) ، وَقَال: إِسْنَادُهُ ضَعِيف
(٣) كَشَّاف الْقِنَاع ٣ / ٤٤، والمبدع ٣ / ٣١٤، والفروع لاِبْن مُفْلِح ٦ / ١٩٧