للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمَصْلَحَةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ جَازَتْ تَحْصِيلاً لِلْمَصْلَحَةِ. وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّ الإِْطْلاَقَ يَقْتَضِي التَّأْيِيدَ وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا عَنِ الْمُدَّةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِذَا رَأَى الإِْمَامُ أَنْ يُصَالِحَ أَهْل الْحَرْبِ أَوْ فَرِيقًا مِنْهُمْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الصُّلْحِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ (٢) } وَالآْيَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَكِنْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَقْيِيدِهَا بِرُؤْيَةِ مَصْلَحَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ بِآيَةٍ أُخْرَى هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَْعْلَوْنَ (٣) } وَوَادَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَلاَ يَقْتَصِرَ جَوَازُ الْمُوَادَعَةِ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لِتَعَدِّي الْمَعْنَى - وَهُوَ حَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ ثُبُوتِ مَصْلَحَتِهِمْ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهُمْ إِلَى مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّ مُدَّةَ الْمُوَادَعَةِ تَدُورُ مَعَ


(١) كَشَّاف الْقِنَاع ٣ / ١١٢، وشرح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ١٢٥،١٢٦
(٢) سُورَةُ الأَْنْفَال / ٦١
(٣) سُورَةُ مُحَمَّدٍ / ٣٥