للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ بِمَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ أَسْلَمُوا مِثْل أَبِي جَنْدَلٍ وَأَبِي بَصِيرٍ إِلَى سَبْعِينَ رَجُلاً وَلَمْ يَبْلُغْ فِيهِمُ الْمُشْرِكُونَ النِّكَايَةَ لِعَشِيرَتِهِمْ، وَالأَْمْرُ الآْنَ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ (١) .

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَطْلُبُهُ - إِلَى أَنَّهُ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِالشَّرْطِ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَال (٢) ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا عَلَيْهِمْ، فَجَاءَهُ أَبُو جَنْدَل بْنُ سُهَيْلٍ، فَقَال سُهَيْل بْنُ عَمْرٍو: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّل مَنْ أُقَاضِيكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِبِي جَنْدَلٍ: " يَا أَبَا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، فَإِنَّا لاَ نَغْدِرُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا (٣) . ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَصِيرٍ


(١) فَتْح الْقَدِير ٥ / ٢٠٨ - ٢٠٩، ومواهب الْجَلِيل وَالتَّاج وَالإِْكْلِيل ٣ / ٣٨٦ - ٣٨٧، وحاشية الدُّسُوقِيّ ٢ / ٢٠٦، وعقد الْجَوَاهِر الثَّمِينَة ١ / ٤٩٨
(٢) الْحَاوِي الْكَبِير ١٨ / ٤١٦، والجامع لأَِحْكَامِ الْقُرْآنِ ١٨ / ٥٤. وَالْمُغْنِي ٨ / ٤٦٥، وحاشية الدُّسُوقِيّ ٢ / ٢٠٦، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٣ - ٢٦٤، ومواهب الْجَلِيل ٣ / ٣٨٦، والإنصاف ٤ / ٢١٣ - ٢١٤
(٣) حَدِيث: " صَالِح النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةَ. . . ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي ٥ / ٣٢٩، ٣٣٠ - ط السَّلَفِيَّة) . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِبِي جَنْدَل: " يَا أَبَا جَنْدَلٍ اصْبِرْ واحستب. . . " أَخْرَجَهُ ابْن إِسْحَاق فِي سِيرَتِهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي (٥ / ٣٤٥ - ط السَّلَفِيَّة)