للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النَّاسِ وَبَيْنَهَا فَيَأْكُلُوهَا (١) وَمَقْصُودُهُ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ يَجْعَل عَلَيْهَا عَلاَمَةً، يُعْلَمُ بِتِلْكَ الْعَلاَمَةِ أَنَّهَا هَدْيٌ، فَيَتَنَاوَل مِنْهَا الْفُقَرَاءُ دُونَ الأَْغْنِيَاءِ وَإِنَّمَا نَهَاهُ أَنْ يَتَنَاوَل مِنْهَا لأَِنَّهُ كَانَ غَنِيًّا مَعَ رُفْقَتِهِ، ثُمَّ الْمُتَطَوِّعُ بِالْهَدَايَا إِنَّمَا يَتَنَاوَل بِإِذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَالإِْذْنُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ بُلُوغِهِ مَحِلَّهُ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا (٢) } ، فَإِذَا لَمْ تَبْلُغْ مَحِلَّهَا لاَ يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُل مِنْهَا وَلاَ أَنْ يُطْعِمَ غَنِيًّا، بَل يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لأَِنَّهُ قَصَدَ بِهَا التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِذَا فَاتَ مَعْنَى التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِرَاقَةِ الدَّمِ تَعَيَّنَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّصَدُّقِ، وَذَلِكَ بِالصَّرْفِ إِلَى الْفُقَرَاءِ دُونَ الأَْغْنِيَاءِ، فَإِنْ أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ غَنِيًّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ. وَيَتَصَدَّقُ بِجِلاَلِهَا وَخَطْمِهَا أَيْضًا كَمَا يَفْعَل ذَلِكَ إِذَا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا (٣) .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْهَدْيُ هَدْيَانِ: وَاجِبٌ وَتَطَوُّعٌ، وَيَأْكُل مِنَ الْهَدْيِ كُلِّهِ


(١) حَدِيثُ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْخُزَاعِيِّ صَاحِبِ بَدْنِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ ٣ / ٢٤٤ - ط الْحَلَبِيّ) ، وَقَال حَدِيث حَسَن صَحِيح.
(٢) سُورَةُ الْحَجِّ / ٣٦
(٣) الْمَبْسُوط ٤ / ١٤٥.