للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالاِسْتِخْفَافُ بِالدِّينِ الْحَقِّ كُفْرٌ (١) ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَبِالْقِيَاسِ: أَمَّا الْكِتَابُ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّل عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُل اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} (٦٤) {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (٦٥) {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٢) } .

قَال الْجَصَّاصُ: فِيهِ الدَّلاَلَةُ عَلَى أَنَّ اللاَّعِبَ وَالْجَادَّ سَوَاءٌ فِي إِظْهَارِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ، عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الإِْكْرَاهِ؛ لأَِنَّ هَؤُلاَءِ الْمُنَافِقِينَ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ قَالُوا مَا قَالُوهُ لَعِبًا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّعِبِ (٣) . وَأَمَّا الْقِيَاسُ، فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ كُفْرَ الْهَازِل بِذَلِكَ كَكُفْرِ الْعِنَادِ، أَيْ كَكُفْرِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ، وَامْتَنَعَ عَنِ الإِْقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، عِنَادًا وَمُخَالَفَةً، فَإِنَّهُ أَمَارَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ (٤) .


(١) فَتْح الْغَفَّار ٢ / ١١٤.
(٢) سُورَةُ التَّوْبَةِ / ٦٤ - ٦٦.
(٣) أَحْكَام الْقُرْآنِ لِلْجَصَّاصِ ٣ / ١٤٢.
(٤) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٣ / ٢٨٤، والمبسوط ٣٤ / ٥٨، ٥٩، وفتح الْغَفَّار ٢ / ١١٤، وشرح الْمَنَار وَحَوَاشِيه ص ٩٨٧، والتلويح عَلَى التَّوْضِيحِ ٢ / ١٩١.