للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَزَل الْكَافِرُ بِكَلِمَةِ الإِْسْلاَمِ، وَتَبَرَّأَ عَنْ دِينِهِ هَازِلاً:

فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ: عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِإِيمَانِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا؛ لأَِنَّ الإِْيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالإِْقْرَارُ بِاللِّسَانِ، وَقَدْ بَاشَرَ أَحَدَ الرُّكْنَيْنِ؛ وَهُوَ الإِْقْرَارُ بِاللِّسَانِ عَلَى سَبِيل الرِّضَا، وَالإِْقْرَارُ هُوَ الأَْصْل فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِالإِْيمَانِ بِنَاءً عَلَيْهِ، كَالْمُكْرَهِ عَلَى الإِْسْلاَمِ إِذَا أَسْلَمَ يُحْكَمُ بِإِسْلاَمِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ أَحَدِ الرُّكْنَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِالتَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ الإِْسْلاَمِ.

وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ إِنْشَاءٍ لاَ يَقْبَل حُكْمُهُ الرَّدَّ وَالتَّرَاخِيَ، فَإِنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ لاَ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الإِْسْلاَمِ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ، وَلاَ يُحْتَمَل أَنْ يُرَدَّ إِسْلاَمُهُ بِسَبَبٍ كَمَا يُرَدُّ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الطَّلاَقِ، وَالْعَتَاقِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْل (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَأَمَّا الإِْسْلاَمُ هَازِلاً فَيَصِحُّ، لأَِنَّهُ إِنْشَاءٌ لاَ يَحْتَمِل حُكْمُهُ الرَّدَّ وَالتَّرَاخِيَ، تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الإِْيمَانِ كَمَا فِي الإِْكْرَاهِ (٢) .

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ قَال ابْنُ رَجَبٍ: لَوْ أَتَى


(١) كَشْف الأَْسْرَارِ عَلَى أُصُول البزدوي لِعَبْد الْعَزِيز الْبُخَارِيّ ٤ / ١٤٨٩.
(٢) التَّلْوِيح عَلَى التَّوْضِيحِ لِلتَّفْتَازَانِيِّ ٢ / ٣٧٩.