للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يُوعَظُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لاَ يَعُودَ، وَلاَ يُعَزَّرَ.

أَمَّا إِذَا تَكَرَّرَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ فِعْل الصَّغَائِرِ فَإِنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ بِالاِتِّفَاقِ، وَيُضْرَبُ ذُو الْهَيْئَةِ بِمَا يُنَاسِبُ جُرْمَهُ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ إِذَا فَعَل ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَا مُرُوءَةٍ، وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ فِي ذَلِكَ نُورِدُهَا فِيمَا يَلِي:

٩ - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ يَكُونُ بِحَسَبِ الْجَانِي، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالْجِنَايَةِ.

فَإِنْ كَانَ الْقَوْل عَظِيمًا مِنْ دَنِيِّ الْقَدْرِ مُخَاطِبًا بِهِ لِرَفِيعِ الْقَدْرِ بُولِغَ فِي الأَْدَبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْعَكْسُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ (١) ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَاعِل ذَلِكَ يُؤَدَّبُ، فَإِنْ كَانَ رَفِيعَ الْقَدْرِ، فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ أَدَبُهُ وَيُتَجَافَى عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْفَلْتَةِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ بِالتَّعْزِيرِ الزَّجْرُ عَنِ الْعَوْدَةِ، وَمَنْ صَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً يُظَنُّ بِهِ أَنْ لاَ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ الرَّفِيعُ.

وَإِذَا سَبَّ إِنْسَانٌ غَيْرَهُ فَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَفْتَرِقُ فِيهِ ذُو الْهَيْئَةِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ


(١) حَدِيث: " أُقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ. . . " سَبَقَ تَخْرِيجَهُ ف ٨.