للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَرَرًا عَلَى الآْخَرِ امْتَنَعَ، وَصَارَتْ لاَزِمَةً. وَلِهَذَا قَال النَّوَوِيُّ: لِلْوَصِيِّ عَزْل نَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَال بِاسْتِيلاَءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ. قُلْتُ: وَيَجْرِي مَثَلُهُ فِي الشَّرِيكِ وَالْمُقَارِضِ (١) .

وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا مِنَ الْقَوْل بِجَوَازِ رَدِّهَا فِي حَقِّ الْوَدِيعِ مَتَى شَاءَ حَالَةَ مَا إِذَا كَانَ قَبُولُهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ مَنْدُوبًا إِذَا لَمْ يَرْضَ مَالِكُهَا بِرَدِّهَا إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْقَوْل بِجَوَازِ رَدِّهَا حِينَئِذٍ فِي حَقِّ الْوَدِيعِ مُنَافٍ لِلْقَوْل بِوُجُوبِ حِفْظِهَا عَلَيْهِ حَيْثُ وَجَبَ، أَوْ بِنَدْبِهِ حَيْثُ نُدِبَ، فَجَاءَ فِي تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ: وَلَهُمَا، يَعْنِي: لِلْمَالِكِ الاِسْتِرْدَادُ، وَلِلْوَدِيعِ الرَّدُّ فِي كُل وَقْتٍ، لِجَوَازِهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، نَعَمْ، يَحْرُمُ الرَّدُّ حَيْثُ وَجَبَ الْقَبُول، وَيَكُونُ خِلاَفَ الأَْوْلَى حَيْثُ نُدِبَ، وَلَمْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ. (٢) وَقَال الرَّمْلِيُّ: " وَلَوْ طَالَبَ الْمُودِعَ الْمَالِكَ بِأَخْذِ وَدِيعَتِهِ، لَزِمَهُ أَخْذُهَا؛ لأَِنَّ قَبُول الْوَدِيعَةِ لاَ يَجِبُ، فَكَذَا اسْتِدَامَةُ حِفْظِهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي حَالَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقَبُول، يَجُوزُ لِلْمَالِكِ الاِمْتِنَاعُ. (٣)

(وَالثَّانِيَةُ) أَنَّهُ عَقْدُ أَمَانَةٍ. وَعُقُودُ الأَْمَانَةِ هِيَ


(١) حَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَسْنَى الْمَطَالِبِ ٣ / ٧٦.
(٢) تُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ لاِبْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ ٧ / ١٠٥.
(٣) حَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَسْنَى الْمَطَالِبِ ٣ / ٨٤.