للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَدِيعَةِ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ فِعْلِهَا وَقَبُولِهَا حَاجَةُ الْفَاعِل، وَظَنُّ صَوْنِهَا مِنَ الْقَابِل؛ وَلِهَذَا تَجُوزُ مِنَ الصَّبِيِّ الْخَائِفِ عَلَيْهَا إِنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ. (١)

أَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ إِيدَاعِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ ـ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الاِتِّفَاقَ ـ وَهُوَ صِحَّةُ إِيدَاعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ إِذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ. (٢)

وَقَال الْكَاسَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَأَمَّا بُلُوغُهُ، فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا، حَتَّى يَصِحَّ الإِْيدَاعُ مِنَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ التَّاجِرُ، فَكَانَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ، فَيَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ كَمَا يَمْلِكُ التِّجَارَةَ.

أَمَّا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلاَ يَصِحُّ قَبُول الْوَدِيعَةِ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَحْفَظُ الْمَال عَادَةً (٣) .

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا، صَحَّ إِيدَاعُهُ لِمَا أُذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ


(١) حَاشِيَةُ الْبُنَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ لِمُخْتَصَرِ خَلِيلٍ ٦ / ١١٣، وَمَوَاهِبُ الْجَلِيل ٥ / ٢٥٢.
(٢) كَشَّافُ الْقِنَاعِ ٤ / ١٧٧، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ ٤ / ٣٣٨، دُرَرُ الْحُكَّامِ ٢ / ٢٢٩. الْمَادَّةُ (٧٧٦) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ، وَالْمَادَّةُ (١٣٢٢) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
(٣) الْبَدَائِعُ ٦ / ٢٠٧.