للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَخْفَى أَنَّ ضَابِطَ حِرْزِ الْمِثْل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عُرْفِيٌّ، أَيْ بِحَسَبِ عَادَةِ النَّاسِ وَمَا يَرَوْنَهُ مُنَاسِبًا لِحِفْظِ الأَْشْيَاءِ بِحَسَبِ نَفَاسَتِهَا وَدَنَاءَتِهَا، وَكَثْرَتِهَا وَقِلَّتِهَا، وَهَذِهِ الأُْمُورُ تَخْتَلِفُ كَثِيرًا بِحَسَبِ الأَْقَالِيمِ وَالْحَوَاضِرِ وَالْبَوَادِي، وَبِاعْتِبَارِ الأَْزْمِنَةِ وَالأَْمْكِنَةِ، وَكَثْرَةِ السَّرِقَةِ فِي الْبَلَدِ أَوْ نُدْرَتِهَا. . . وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الاِعْتِبَارَاتِ (١) ، وَقَدْ أَفْصَحَ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَإِذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُل الرَّجُل الْوَدِيعَةَ، فَوَضَعَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ دَارِهِ يُحْرِزُ مِنْهُ مَالَهُ، وَيَرَى النَّاسُ مِثْلَهُ حِرْزًا ـ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ دَارِهِ أَحْرَزَ مِنْهُ ـ فَهَلَكَتْ، لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ وَضَعَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ دَارِهِ لاَ يَرَاهُ النَّاسُ حِرْزًا، وَلاَ يُحْرَزُ فِيهِ مِثْل الْوَدِيعَةِ، فَهَلَكَتْ، ضَمِنَ. (٢)

فَضَابِطُ الْحِرْزِ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنْ تُحْرَزَ فِيمَا يُحْرَزُ فِيهِ أَمْثَالُهَا مَعَ مُرَاعَاةِ الأَْعْرَافِ وَالأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ (٣) .


(١) حَاشِيَة الْحَسَن بْن رَحَّال عَلَى مَيَّارَة ٢ / ١٨٨، وَالْمُبْدِع ٥ / ٢٣٤، وَالْمَجَلَّة الْعَدْلِيَّة الْمَادَّة ٧٨٢، وَمَجَلَّة الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَب الإِْمَامِ أَحْمَد الْمَادَّة ١٣٤٨.
(٢) الأُْمّ ٤ / ١٣٧.
(٣) قُرَّةُ عُيُونِ الأَْخْيَارِ ٢ / ٢٣٧، وَحَاشِيَةُ ابْنِ رَحَّالٍ عَلَى مَيَّارَة ٢ / ١٨٨، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ ٧ / ١٢٠، وَالْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ ٩ / ٢٥٩ ط هَجَرَ.