للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ، فَالتَّأْخِيرُ جَائِزٌ، وَلاَ يُعَدُّ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَلاَ مُمَاطِلاً. (١)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْعُذْرُ قَدْ يَكُونُ حِسِّيًّا، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَوِيًّا. فَأَمَّا الْحِسِّيُّ: فَلِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ لاَ يَسْتَطِيعُ الْوُصُول إِلَيْهِ حِينَ طَلَبِهَا.

وَأَمَّا الْمَعْنَوِيُّ: فَكَمَا إِذَا خَافَ الْوَدِيعُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ دَائِنٍ أَنْ يَحْبِسَهُ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْوَفَاءِ، أَوْ كَانَتِ امْرَأَةً وَخَافَتْ مِنْ فَاسِقٍ، أَوْ خَافَ عَلَى مَالِهِ بِأَنْ كَانَ مَدْفُونًا مَعَهَا، فَإِذَا ظَهَرَ اغْتَصَبَهُ غَاصِبٌ، أَوْ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ ظَالِمًا فَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ لِيَظْلِمَ بِهَا، بِأَنْ كَانَتْ سَيْفًا فَعَلِمَ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ طَلَبَهُ لِيَقْتُل بِهِ رَجُلاً بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ كَانَتْ كِتَابًا فِيهِ إِقْرَارُ الْمُودِعِ بِمَال الْغَيْرِ، أَوْ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنَ الْغَيْرِ فَلَهُ عِنْدَ وُجُودِ عُذْرٍ مِنْ هَذِهِ الأَْعْذَارِ أَنْ يَمْنَعَ الْوَدِيعَةَ مِنْ مَالِكِهَا، وَلاَ يَكُونُ ظَالِمًا بِمَنْعِهَا حِينَئِذٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتِ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّلَبِ لاَ يَضْمَنُهَا. (٢)


(١) كِفَايَة الأَْخْيَار ٢ / ١٠، وَالْمَادَّة (١٣٣٦) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَب أَحْمَدَ.
(٢) دُرَر الْحُكَّام ٢ / ٢٧٥، وَشَرْح الْمَجَلَّةِ لِلأَْتَاسِيِّ ٣ / ٢٧٧، وَالدَّرّ الْمُنْتَقَى ٢ / ٣٤٠، وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٤ / ٤٩٥، وَالْبَحْر الرَّائِق ٧ / ٢٧٥، وَالأَْشْبَاه وَالنَّظَائِر لاِبْنِ نَجِيم ص ٣٣٠.