للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَفَاوِتُونَ فِي الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، وَالْمُودِعُ إِنَّمَا رَضِيَ بِحِفْظِهِ وَأَمَانَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى أَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ، فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ، فَقَدْ صَارَ تَارِكًا الْحِفْظَ الَّذِي الْتَزَمَهُ، مُسْتَحْفِظًا عَلَيْهَا مَنِ اسْتَحْفَظَ مِنْهُ، وَذَلِكَ تَفْرِيطٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ حَالَةَ الْعُذْرِ، لأَِنَّ الدَّفْعَ إِلَيْهِ فِيهَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْحِفْظِ، فَكَانَ مَأْذُونًا بِهِ مِنَ الْمَالِكِ دَلاَلَةً، فَارْتَفَعَ سَبَبُ الضَّمَانِ. (١)

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَقَال: لَهُ إِيدَاعُهَا عِنْدَ الأَْجْنَبِيِّ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِحْرَازُهَا وَحِفْظُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ، فَالإِْنْسَانُ قَدْ يُودِعُ مَال نَفْسِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُ، كَمَا لَوْ حَفِظَهَا فِي حِرْزِهِ. وَبِأَنَّ


(١) رَدّ الْمُحْتَارِ ٤ / ٤٩٥، الْعُقُود الدُّرِّيَّة ٢ / ٧١، وَالْمَبْسُوط ١١ / ١١٣، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٤٠، وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٠٨، وَالْبَحْر الرَّائِق ٧ / ٢٧٤، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١٠٥، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٧٦، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٢٧، والقليوبي وَعَمِيرَة ٣ / ١٨٢، وَالْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص ٣٧٩، وَالتَّاج وَالإِْكْلِيل ٥ / ٢٥٧، وَالإِْشْرَاف لِلْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب ٢ / ٤١، ٤٢، وَالزُّرْقَانِيَّ عَلَى خَلِيلٍ ٦ / ١١٧، وَكِفَايَة الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ وَحَاشِيَة الْعَدَوِيّ عَلَيْهِ ٢ / ٢٥٤، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ ٩ / ٢٥٩، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٤ / ١٩٣، وَالْمُبْدِع ٥ / ٢٣٨، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٢.