للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال ابْنُ شَاسٍ: إِنْ سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ ضَمِنَ، وَإِنْ سَافَرَ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ ـ كَمَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ مَثَلاً ـ لَمْ يَضْمَنْ. (١)

وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً اسْتَوْدَعَنِي وَدِيعَةً، فَحَضَرَ مَسِيرِي إِلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ، فَخِفْتُ عَلَيْهَا، فَحَمَلْتُهَا مَعِي، فَضَاعَتْ، أَأُضَمَّنُ فِي قَوْل مَالِكٍ؟ قَال: نَعَمْ، قُلْتُ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا؟ قَال: تَسْتَوْدِعُهَا فِي قَوْل مَالِكٍ، وَلاَ تُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ. (٢)

وَاحْتَجَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ السَّفَرَ لاَ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ إِذَا أُودِعَتْ فِي الْبَلَدِ، فَضَمِنَهَا كَمَا لَوْ تَرَكَهَا بِمَوْضِعِ خَرَابٍ، لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يَحْفَظَ فِي مِثْلِهِ. وَلأَِنَّ رَبَّهَا إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي حِفْظِهَا فِي الْبَلَدِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إِخْرَاجِهَا عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حِفْظِهَا تَحْتَ يَدِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إِيدَاعِهَا لِغَيْرِهِ، فَلَمَّا كَانَ مَتَى أَوْدَعَهَا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ بِتَعَدِّيهِ، لِخُرُوجِهِ فِي حِفْظِهَا عَنِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ، فَكَذَلِكَ إِذَا سَافَرَ بِهَا. (٣)


(١) التَّاج وَالإِْكْلِيل ٥ / ٢٥٤.
(٢) الْمُدَوَّنَة ١٥ / ١٤٥.
(٣) الإِْشْرَاف عَلَى مَسَائِل الْخِلاَفِ لِلْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب ٢ / ٤١.