للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلاَ يَزُول عَنْهُ إِلاَّ بِاسْتِئْمَانٍ ثَانٍ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَمَالِكٌ: يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ بِالرَّدِّ، لأَِنَّهُ وَإِنْ صَارَ ضَامِنًا بِالإِْخْرَاجِ، فَقَدْ عَادَ إِلَى الْوِفَاقِ بِرَدِّ الْوَدِيعَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، فَبَرِئَ عَنِ الضَّمَانِ. (١)

وَلَوْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ نُقُودًا أَوْ شَيْئًا مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي لاَ يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ، فَأَنْفَقَ الْوَدِيعُ بَعْضَهَا، ثُمَّ هَلَكَ الْبَاقِي، فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ، اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُل، وَلاَ يَضْمَنُ الْبَاقِيَ، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلاَّ إِتْلاَفُ قَدْرِ مَا أَنْفَقَ، وَالضَّمَانُ إِنَّمَا يَجِبُ بِقَدْرِ الْخِيَانَةِ، وَقَدْ خَانَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَلأَِنَّهُ فِي الْبَاقِي حَافِظٌ لِلْمِلْكِ، وَبِمَا أَنْفَقَ لَمْ يَتَعَيَّبِ الْبَاقِي، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَتَيْنِ، فَأَنْفَقَ إِحْدَاهُمَا، لاَ يَكُونُ ضَامِنًا لِلأُْخْرَى. (٢)

فَإِنْ رَدَّ مِثْل مَا أَنْفَقَ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَال


(١) بِدَايَة الْمُجْتَهِدِ ٢ / ٣١١، وَالإِْشْرَاف لاِبْن الْمُنْذِر ١ / ٢٥٥، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٣٤، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٤، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ١٩٥، وَشَرْح الْمَجَلَّةِ للأتاسي ٣ / ٢٥٨.
(٢) مَجْمَع الأَْنْهُر ٢ / ٣٤٢، وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢١٣، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٤٨، وَالْمَبْسُوط لِلسَّرْخَسِيَ ١١ / ١١١، وَشَرْح الْمَجَلَّةِ للأتاسي ٣ / ٢٥٨، وَالتَّفْرِيع لاِبْن الْجَلاَّب ٢ / ٢٧١، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٧٧، وَالْمُدَوَّنَة ١٥ / ١٤٧.