للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْسَ الأَْخْذِ لَيْسَ بِإِتْلاَفٍ، وَنِيَّةَ الإِْتْلاَفِ لَيْسَتْ بِإِتْلاَفٍ فَلاَ تُوجِبُ الضَّمَانَ، كَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يَغْصِبَ مَال إِنْسَانٍ. وَالأَْصْل فِيهِ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ ـ أَوْ حَدَّثَتْ ـ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يَعْمَل بِهِ أَوْ يَتَكَلَّمْ بِهِ " (١) .

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَا حَدَّثَتْ بِهِ النَّفْسُ عَفْوًا عَلَى الْعُمُومِ إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ. (٢)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ وَحْدَهُ، وَلاَ يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ بِالرَّدِّ إِلَى مَكَانِهَا، لأَِنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ بِالأَْخْذِ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْل رَدِّهِ ضَمِنَهُ، فَلاَ يَزُول إِلاَّ بِرَدِّهِ إِلَى صَاحِبِهِ كَالْمَغْصُوبِ (٣) .


(١) حَدِيث: " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (الْفَتْح ١١ / ٥٤٩ ـ ط السَّلَفِيَّة) ، وَمُسْلِم (١ / ١١٧ ـ ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.
(٢) بِدَايَة الْمُجْتَهِدِ ٢ / ٣١١، وَالإِْشْرَاف لاِبْن الْمُنْذِر ١ / ٢٥٥، وَالْمَبْسُوط ١١ / ١١٢، وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢١٣، وَمَجْمَع الأَْنْهُر ٢ / ٣٤٢، وَشَرْح الْمَجَلَّةِ للأتاسي ٣ / ٢٥٨، وَالْبَحْر الرَّائِق ٧ / ٢٧٧.
(٣) تُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١٢٢، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَةَ ٩ / ٢٧٧، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٤، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ١٩٧.