للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَدَّ الْحَنَابِلَةُ مِنَ التَّضْيِيعِ: مَا لَوْ سَلَّمَهَا الْوَدِيعُ بِطَرِيقِ الْخَطَأِ إِلَى مَنْ يَظُنُّهُ صَاحِبُهَا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى رَبِّهَا (١) .

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنَ التَّضْيِيعِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ مَا لَوْ دَل الْوَدِيعُ لِصًّا عَلَى مَكَانِ الْوَدِيعَةِ، فَسَرَقَهَا، وَذَلِكَ لإِِتْيَانِهِ بِنَقِيضِ مَا الْتَزَمَهُ مِنَ الْحِفْظِ (٢) .

غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْوَدِيعِ وَاللِّصِّ، أَمَّا الْوَدِيعُ، فَلِمُنَافَاةِ دَلاَلَتِهِ لِلْحِفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهُمَا لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا اللِّصُّ، فَلأَِنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ لَهَا. وَعَلَى اللِّصِّ قَرَارُ الضَّمَانِ لِمُبَاشَرَتِهِ (٣) .

وَهُنَاكَ صُورَتَانِ لِتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَضْمِينِ الْوَدِيعِ بِهَا:


(١) كَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ٢٠١، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٨.
(٢) الْبَحْر الرَّائِق ٧ / ٢٧٥، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٤٦، وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٤ / ٤٩٦، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٤٢، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١٢٠، وَحَاشِيَة الرَّمْلِيّ عَلَى أَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٨٣، الزُّرْقَانِيّ عَلَى خَلِيلٍ مَعَ الْبُنَانِيّ ٦ / ١٢٠، وَالْقَوَانِينِ الْفِقْهِيَّةِ ص ٣٧٩، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٤ / ١٨٧.
(٣) شَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ لِلْبَهُوتِي ٢ / ٤٥٢.