للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ ثِيَابَ الصُّوفِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الْعُثُّ، يَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ نَشْرُهَا وَتَعْرِيضُهَا لِلرِّيحِ، بَل يَلْزَمُهُ لُبْسُهَا إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلاَّ بِأَنْ تُلْبَسَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل فَفَسَدَتْ، ضَمِنَ، سَوَاءً أَمَرَهُ الْمَالِكُ بِذَلِكَ أَوْ سَكَتَ (١) .

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، فَلَمْ يَرَوْا ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى الْوَدِيعِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا بِعَدَمِ ضَمَانِهِ لَوْ فَسَدَتْ. فَجَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَتَارِكُ نَشْرِ الصُّوفِ صَيْفًا فَعَثَّ، لَمْ يَضْمَنْ (٢) . وَفِي الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: الإِْنْسَانُ إِذَا اسْتَوْدَعَ عِنْدَهُ مَا يَقَعُ فِيهِ السُّوسُ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ، فَلَمْ يُبَرِّدْهَا بِالْهَوَاءِ، حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَفَسَدَ، لاَ يَضْمَنُ (٣) .

أَمَّا إِذَا نَهَاهُ صَاحِبُهَا عَنْ نَشْرِهَا وَتَعْرِيضِهَا لِلرِّيحِ، فَامْتَنَعَ حَتَّى فَسَدَتْ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ امْتِثَالُهُ، لَكِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ (٤) .


(١) رَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٣٤، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١١٥، وَمَا بَعْدَهَا، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٧٩، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٤.
(٢) الدَّرّ الْمُنْتَقَى فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ٢ / ٣٤٥.
(٣) الْعُقُود الدُّرِّيَّة ٢ / ٨٠، وَانْظُرِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٤ / ٣٤٤.
(٤) أَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٧٩، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٣٤.