للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا يَحِقُّ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَعْزِل الْوَزِيرَ إِذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ، أَوْ فَقَدَ مُقَوِّمَاتِ تَعْيِينِهِ، أَوْ قَصَّرَ فِي وَاجِبَاتِهِ قِيَاسًا عَلَى الإِْمَامِ، فَقَدْ نَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الإِْمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ حَقَّانِ: الطَّاعَةُ وَالنُّصْرَةُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَالَّذِي يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُهُ فَيَخْرُجُ بِهِ عَنِ الإِْمَامَةِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا جَرْحٌ فِي عَدَالَتِهِ وَالثَّانِي نَقْصٌ فِي بَدَنِهِ (١) ، فَكَذَلِكَ الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَزِيرِ.

كَمَا يَحِقُّ لِلْخَلِيفَةِ عَزْل الْوَزِيرِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلأُْمَّةِ يُقَدِّرُهَا الإِْمَامُ، أَوْ وَجَدَ الأَْكْفَأَ وَالأَْحْسَنَ لإِِدَارَةِ الدَّوْلَةِ وَمَصَالِحِ الأُْمَّةِ، وَهَذَا جُزْءٌ مِنْ وَظِيفَةِ الإِْمَامِ فِي مُرَاقَبَةِ الْوَزِيرِ، وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، وَمُؤَاخَذَتِهِ إِنْ أَسَاءَ أَوْ ظَلَمَ أَوْ قَصَّرَ، وَعَزْلِهِ إِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً.

وَيَجِبُ عَزْل الْوَزِيرِ لِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ، فَيُعْزَل وَيُعَاقَبُ، كَمَا يُعْزَل لِتَقْصِيرٍ، أَوْ لِعَجْزٍ، وَيُقَلَّدُ عَمَلاً أَسْهَل، كَمَا يُعْزَل لِظُلْمٍ أَوْ تَجَاوُزٍ لِحَقٍّ أَوْ لِينٍ وَقِلَّةِ هَيْبَةٍ، أَوْ يُضَمُّ لَهُ مَنْ يُعَاوِنُهُ وَتَتَكَامَل بِهِ الْقُوَّةُ وَالْهَيْبَةُ، أَوْ يُعْزَل لِقُصُورِ الْعَمَل عَنْ كَفَاءَتِهِ، وَيُرَقَّى إِلَى عَمَلٍ أَعْلَى.


(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص١٧، ٢٢، ٢٣، ٢٥.