للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعْنِي أَنَّ حُصُول هَذَا الْوَسْوَاسِ مَعَ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ الْعَظِيمَةِ لَهُ وَدَفْعِهِ عَنِ الْقَلْبِ - هُوَ مِنْ صَرِيحِ الإِْيمَانِ، كَالْمُجَاهِدِ الَّذِي جَاءَهُ الْعَدُوُّ فَدَافَعَهُ حَتَّى غَلَبَهُ. وَإِنَّمَا صَارَ صَرِيحًا لَمَّا كَرِهُوا تِلْكَ الْوَسَاوِسَ الشَّيْطَانِيَّةَ فَدَفَعُوهَا، فَخَلُصَ الإِْيمَانُ فَصَارَ صَرِيحًا، قَال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجِيبُ تِلْكَ الْوَسَاوِسَ فَيَصِيرُ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا، قَال: وَالشَّيْطَانُ يَكْثُرُ تَعَرُّضُهُ لِلْعَبْدِ إِذَا أَرَادَ الإِْنَابَةَ إِلَى رَبِّهِ، وَالتَّقَرُّبَ إِلَيْهِ، وَالاِتِّصَال بِهِ، فَلِهَذَا يَعْرِضُ لِلْمُصَلِّينَ مَا لاَ يَعْرِضُ لِغَيْرِهِمْ، وَيَعْرِضُ لِلْخَاصَّةِ أَهْل الْعِلْمِ وَالدِّينِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْعَامَّةِ، قَال: وَلِهَذَا يُوجَدُ عِنْدَ طُلاَّبِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ مِنَ الْوَسَاوِسِ وَالشُّبَهَاتِ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ (١) .

وَمِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا نَبَّهَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُول: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُول: مَنْ خَلَقَ رَبُّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ (٢) .


(١) الإِْيمَان لاِبْن تَيْمِيَّةَ ص ٢٤١، ٢٤٢ الْقَاهِرَة، دَار نَهْر النِّيل.
(٢) حَدِيث: " يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ. . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (الْفَتْح ٦ / ٣٣٦) وَمُسْلِم (١ / ١٢٠) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.