للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِ حَاجَّةٍ، لأَِنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ فَلَمْ يَجُزْ، فَإِنْ خَافَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَخَافَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الإِْيدَاعُ وَالإِْقْرَاضُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْيدَاعِ دُونَ الإِْقْرَاضِ أَوْدَعَ، وَلاَ يُودِعُ إِلاَّ ثِقَةً، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْقْرَاضِ دُونَ الإِْيدَاعِ أَقْرَضَهُ، وَلاَ يُقْرِضُهُ إِلاَّ ثِقَةً مَلِيئًا، لأَِنَّ غَيْرَ الثِّقَةِ يَجْحَدُ، وَغَيْرَ الْمَلِيءِ لاَ يُمْكِنُ أَخْذُ الْبَدَل مِنْهُ، فَإِنْ أَقْرَضَ وَرَأَى أَخْذَ الرَّهْنِ عَلَيْهِ أَخَذَ، وَإِنْ رَأَى تَرْكَ الرَّهْنِ لَمْ يَأْخُذْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِْيدَاعِ وَالإِْقْرَاضِ فَالإِْقْرَاضُ أَوْلَى، لأَِنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ بِالْبَدَل، وَالْوَدِيعَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَكَانَ الْقَرْضُ أَحْوَطَ، فَإِنْ تَرَكَ الإِْقْرَاضَ وَأَوْدَعَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِمَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي لاَ يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (١) } ، وَالإِْقْرَاضُ هَاهُنَا أَحْسَنُ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَيَرْهَنُ مَالَهُ عَلَيْهِ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُ فَجَازَ. (٢)

وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ: قَرْضُ الْوَلِيِّ مَال مَحْجُورِهِ لِثِقَةٍ أَوْلَى مِنْ إِيدَاعِهِ، لأَِنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ، فَإِنْ أَوْدَعَهُ الْوَلِيُّ مَعَ إِمْكَانِ قَرْضِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ،


(١) سُورَة الأَْنْعَام: ١٥٢.
(٢) الْمُهَذَّب ١ / ٣٣٦.