للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ وَالْمَال كَثِيرًا، أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَال قَلِيلاً وَالْوَرَثَةُ مُحْتَاجُونَ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْفَقِيرَ الَّذِي لَهُ وَرَثَةٌ مُحْتَاجُونَ لاَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ.

وَقَال عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِرَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ: إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ طَائِلاً إِنَّمَا تَرَكْتَ شَيْئًا يَسِيرًا فَدَعْهُ لِوَرَثَتِكَ.

وَقَال الشَّعْبِيُّ: مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُل لِوَلَدِهِ يُغْنِيهِمْ عَنِ النَّاسِ. وَقَال الْكَاسَانِيُّ: إِنْ كَانَ مَالُهُ قَلِيلاً وَلَهُ وَرَثَةٌ فُقَرَاءُ فَالأَْفْضَل أَنْ لاَ يُوصِيَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ (١) وَلأَِنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ صِلَةً بِالأَْجَانِبِ وَالتَّرْكَ يَكُونُ صِلَةً بِالأَْقَارِبِ فَكَانَ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ فُقَرَاءَ فَالأَْفْضَل أَنْ يُوصِيَ بِمَا دُونَ الثُّلُثِ وَيَتْرُكَ الْمَال لِوَرَثَتِهِ لأَِنَّ غُنْيَةَ الْوَرَثَةِ تَحْصُل بِمَا


(١) حَدِيث: " إِنَّك إِنْ تَرَكْت وَرَثَتَك أَغْنِيَاء خَيْر لَك. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ الْفَتْح (١٢ / ١٤) وَمُسْلِم (٣ / ١٢٥٣) وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.