للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَال عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّسَوُّلِيُّ الْمَالِكِيُّ: إِنَّ الإِْشْهَادَ عَلَى عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ كَالْوَصِيَّةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَالإِْشْهَادُ إِمَّا كِتَابِيٌّ أَوْ شَفَوِيٌّ (١) .

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ: مَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا، حُكِمَ بِهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهَا، فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ، وَيُقْبَل مَا فِيهَا بِالْخَطِّ الثَّابِتِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُوصِي بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ تُعَرِّفُ خَطَّهُ تَشْهَدُ أَنَّهُ خَطُّهُ وَإِنْ طَال الزَّمَنُ، أَوْ تَغَيَّرَ حَال الْمُوصِي، أَوْ بِأَنْ عُرِفَ خَطُّهُ وَكَانَ مَشْهُورَ الْخَطِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ " (٢) ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى الْكِتَابَةِ، فَدَل عَلَى الاِكْتِفَاءِ بِهَا، وَ " لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ وَغَيْرِهِمْ " مُلْزِمًا الْعَمَل بِتِلْكَ الْكِتَابَةِ، وَكَذَلِكَ فَعَل الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَلأَِنَّ الْكِتَابَةَ تُنْبِئُ عَنِ الْمَقْصُودِ، فَهِيَ كَاللَّفْظِ.

وَإِنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ، وَقَال: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ، أَوْ قَال: هَذِهِ وَصِيَّتِي فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَا، لاَ تَثْبُتُ حَتَّى يَسْمَعُوا مِنْهُ مَا فِيهِ، أَوْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ فَيُقِرَّ بِمَا فِيهِ. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْل


(١) الشَّرْح الصَّغِير ٤ / ٦٠١
(٢) حَدِيث: " مَا حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ. . . " سَبَقَ تَخْرِيجَهُ فِقْرَة (٧)