للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِشَرِيطَةِ الذَّكَاةِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُول كَذَلِكَ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَحِل عِنْدَهُ إِنْسَانُ الْمَاءِ وَلاَ خِنْزِيرُهُ، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: تَحْرِيمُ مَا سِوَى السَّمَكِ كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.

وَثَانِيهِمَا: الْحِل بِالذَّبْحِ كَقَوْل ابْنِ أَبِي لَيْلَى (١) .

٢٠ - وَدَلِيل الْجُمْهُورِ الَّذِينَ أَحَلُّوا كُل مَا يَسْكُنُ جَوْفَ الْمَاءِ وَلاَ يَعِيشُ إِلاَّ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} . (٢) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {أُحِل لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} ، (٣) فَلَمْ يُفَرِّقْ عَزَّ وَجَل بَيْنَ مَا يُسَمِّيهِ النَّاسُ سَمَكًا وَمَا يُسَمُّونَهُ بِاسْمٍ آخَرَ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ أَوْ إِنْسَانِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لاَ تَجْعَلُهُ خِنْزِيرًا أَوْ إِنْسَانًا.

وَمِنْ أَدِلَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِل عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِل مَيْتَتُهُ. (٤)

وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حِل جَمِيعِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَسْكُنُ الْبَحْرَ سَوَاءٌ أُخِذَ حَيًّا أَمْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ طَافِيًا أَمْ لاَ.

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ دَابَّةِ الْعَنْبَرِ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، قَال حَدَّثَنِي جَابِرٌ، قَال: بَعَثَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ


(١) البدائع ٥ / ٣٥، والمحلى ٧ / ٣٩٤.
(٢) سورة فاطر / ١٢.
(٣) سورة المائدة / ٩٦.
(٤) حديث: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". أخرجه مالك (١ / ٢٢ - ط الحلبي) وصححه البخاري وغيره، (التلخيص الحبير ١ / ٩ ط الشركة الفنية المتحدة) .