للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الآْيَةِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ تَشْتَمِل عَلَى أَفْعَالٍ مُتَغَايِرَةٍ يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَوَجَبَ فِيهَا التَّرْتِيبُ كَالصَّلاَةِ وَالْحَجِّ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَعْضُ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ، وَلَيْسَ مِنْ أَرْكَانِهِ وَلاَ مِنْ وَاجِبَاتِهِ.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالزَّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ؛ لأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ فِي الآْيَةِ بِغَسْل أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَعَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ وَهِيَ لاَ تَقْتَضِي تَرْتِيبًا، فَكَيْفَمَا غَسَل الْمُتَوَضِّئُ أَعْضَاءَهُ كَانَ مُمْتَثِلاً لِلأَْمْرِ.

وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ " النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَل وَجْهَهُ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ " (٢) ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا تَرْتِيبٌ كَالْجَنَابَةِ،


(١) الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ ١ / ٤٤١ وَمَا بَعْدَهَا، ومغني الْمُحْتَاج ١ / ٥٤، والمغني لاِبْنِ قُدَامَةَ ١ / ١٣٦، والإنصاف ١ / ١٣٨، ومعونة أُولِي النُّهَى ١ / ٢٧٢ - ٢٧٤، ومواهب الْجَلِيل ١ / ٢٥٠.
(٢) حَدِيث: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَل وَجْهَهُ. . " أَخْرَجَهُ البخاري (الْفَتْح ١ / ٢٥٩) ومسلم (١ / ٢٠٥) مِنْ حَدِيثِ عُثْمَان بْن عَفَّان.