للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (١) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. (٢)

فَالْغُرَابُ الأَْبْقَعُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أُبِيحَ قَتْلُهُ، وَكَذَا سَائِرُ الْغِرْبَانِ الَّتِي يَدُل عَلَيْهَا عُمُومُ لَفْظِ " الْغُرَابِ " فِي الأَْحَادِيثِ الأُْخْرَى.

وَمَا أُبِيحَ قَتْلُهُ فَلاَ ذَكَاةَ لَهُ، لأَِنَّ كَلِمَةَ الْقَتْل مَتَى أُطْلِقَتْ تَنْصَرِفُ إِلَى إِزْهَاقِ الرُّوحِ بِأَيَّةِ وَسِيلَةٍ اسْتَطَاعَهَا الإِْنْسَانُ، فَلَوْ حَل بِالذَّكَاةِ لَكَانَ إِزْهَاقُ رُوحِهِ بِغَيْرِهَا إِضَاعَةً لِلْمَال، وَقَدْ نَهَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: مَنْ يَأْكُل الْغُرَابَ وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا؟ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَال: كَرِهَ رِجَالٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ أَكْل الْحِدَاءِ وَالْغُرَابِ حَيْثُ سَمَّاهُمَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَوَاسِقِ الدَّوَابِّ الَّتِي تُقْتَل فِي الْحَرَمِ.

٣٩ - وَحُجَّةُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ إِبَاحَةَ الْقَتْل لاَ دَلاَلَةَ فِيهَا عَلَى تَحْرِيمِ الأَْكْل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ. . .} الآْيَةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغُرَابَ لَيْسَ فِي الآْيَةِ، فَيَكُونُ مُبَاحَ الأَْكْل.


(١) حديث عائشة: " خمس من الدواب كلهن فاسق. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٣٤) ومسلم (٢ / ٨٥٧ - ط الحلبي) .
(٢) حديث ابن عمر: " خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهم من جناح. . . " أخرجه مسلم (٢ / ٨٥٨ - ط الحلبي) .