للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَيْل لَذَّتِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ثَوَابِ جِمَاعِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِبَعْضِ أَهْل الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ مَال ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ أَنَّهُ يُثَابُ وَيُؤْجَرُ فِي جِمَاعِ حَلِيلَتِهِ مُطْلَقًا دُونَ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا (١) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ (٢) حَيْثُ دَل ظَاهِرُ إِطْلاَقِهِ عَلَى أَنَّ الإِْنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي جِمَاعِ حَلِيلَتِهِ مُطْلَقًا، إِذْ إِنَّهُ كَمَا يَأْثَمُ فِي الزِّنَا الْمُضَادِّ لِلْوَطْءِ الْحَلاَلِ، فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِي فِعْل الْحَلاَل (٣) .

وَالثَّانِي: لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - مَال إِلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ - وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْوِ بِجِمَاعِ حَلِيلَتِهِ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ فَلاَ أَجْرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنَ التَّصْرِيحِ بِالاِحْتِسَابِ لِنَيْل الثَّوَابِ، وَنَصُّهَا: قُلْتُ: نَأْتِي شَهْوَتَنَا وَنُؤْجَرُ؟ قَال: أَرَأَيْتَ لَوْ جَعَلْتَهُ فِي حَرَامٍ أَكُنْتَ تَأْثَمُ؟ قَال: قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَتَحْتَسِبُونَ بِالشَّرِّ وَلاَ تَحْتَسِبُونَ بِالْخَيْرِ؟ (٤) .


(١) جامع العلوم والحكم ٢ / ٦٢، ٦٥، ٦٦، وفتح المبين ص٢٠٥، والمبين المعين ص١٤٢.
(٢) حديث: " وفي بعض أحدكم. . . " (سبق تخريجه ف٨) .
(٣) جامع العلوم والحكم ٢ / ٦٦.
(٤) حديث: " نأتي شهوتنا ونؤجر؟ . . . " أخرجه أحمد (٥ / ١٥٤) .