للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّارِعُ فِيهَا حَدًّا مُقَدَّرًا، كَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ (١) .

الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا، فَيُرْجَمُ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْصَنَيْنِ أَمْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ. وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ (٢) .

وَبِأَنَّهُ إِيلاَجٌ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ يُقْصَدُ الاِلْتِذَاذُ بِهِ غَالِبًا كَالْقُبُلِ، فَكَانَ الرَّجْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَلأَِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا إِنَّمَا وُضِعَ زَجْرًا وَرَدْعًا لِئَلاَّ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَوَجَدْنَا الطِّبَاعَ تَمِيل إِلَى الاِلْتِذَاذِ بِإِصَابَةِ هَذَا الْفَرْجِ كَمَيْلِهَا إِلَى الْقُبُلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الرَّدْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُبُلِ، بَل إِنَّ هَذَا أَشَدُّ وَأَغْلَظُ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الإِْحْصَانُ كَمَا اعْتُبِرَ الزِّنَا، إِذِ الْمَزْنِيُّ بِهَا جِنْسٌ مُبَاحٌ وَطْؤُهَا،


(١) رد المحتار ٣ / ١٥٥، وفتح القدير مع الكفاية والعناية ٥ / ٤٣، ٤٤، والمبسوط ٩ / ٧٧ - ٧٩، والحاوي للماوردي ١٧ / ٦٠، ومجمع الأنهر ١ / ٥٩٥، وتبيين الحقائق ٣ / ١٨٠، والمحلى ١١ / ٣٨٢، والمغني ١٢ / ٣٥٠.
(٢) حديث: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ". أخرجه الترمذي (٤ / ٥٧) والحاكم (٤ / ٣٥٥) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.