للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (١) } .

وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ يَتَأَوَّل فِيهِ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ (٢) } . حَيْثُ قَال: فَتَقْدِيرُهُ: تَتْرُكُونَ مِثْل ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ، وَلَوْ لَمْ يُبَحْ مِثْل ذَلِكَ مِنَ الأَْزْوَاجِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُبَاحُ مِنَ الْمَوْضِعِ الآْخَرِ مِثْلاً لَهُ حَتَّى يُقَال تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَتَتْرُكُونَ مِثْلَهُ مِنَ الْمُبَاحِ (٣) .

٢٨ - وَقَدْ رَدَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى الاِسْتِدْلاَل بِالآْيَةِ الأُْولَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (٤) } ، بِأَنَّ " أَنَّى " فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي نَزَل بِهَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى " مِنْ أَيْنَ " لاَ بِمَعْنَى " أَيْنَ "، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ. قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَل: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا (٥) } ، بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ أَنَّهُ قَال لِنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: قَدْ أَكْثَرَ عَلَيْكَ الْقَوْلُ، أَنَّكَ تَقُول عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ


(١) سورة المؤمنون / ٥.
(٢) سورة الشعراء / ١٦٥.
(٣) تفسير القرطبي ٣ / ٩٣ - ٩٤.
(٤) سورة البقرة / ٢٢٣.
(٥) سورة آل عمران / ٣٧.