للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال لأَِبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَل وَنَمْ، وَائْتِ أَهْلَكَ (١) .

٣٩ - أَمَّا ضَابِطُ هَذَا الْحَقِّ، وَحُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ جِمَاعِ أَهْلِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَقَوْلٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةَ زَوْجِهَا بِالْوَطْءِ، لأَِنَّ حِلَّهُ لَهَا حَقُّهَا، كَمَا أَنَّ حِلَّهَا لَهُ حَقُّهُ. وَإِذَا طَالَبَتْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَجِبُ عَلَيْهِ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَابِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَقَالُوا: يَأْثَمُ الزَّوْجُ إِذَا تَرَكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ دِيَانَةً مُتَعَنِّتًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ (٢) .

وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْءُ زَوْجَتِهِ، وَلاَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ قَضَاءً، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ، لأَِنَّهُ حَقُّهُ، فَجَازَ لَهُ تَرْكُهُ، وَلأَِنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إِيجَابِهِ، وَلأَِنَّ الْجِمَاعَ


(١) حديث: فصم وأفطر وكل ونم. أخرجه الدارقطني (٢ / ١٧٦ - ط دار المحاسن) من حديث أبي جحيفة، وأصله في صحيح البخاري (الفتح ٤ / ٢٠٩) .
(٢) البدائع ٢ / ٣٣١، وفتح القدير ٣ / ٣٠٢، والكفاية على الهداية ٣ / ٣٠٠، ورد المحتار ٢ / ٥٩٤، وفتح الباري ٩ / ٢٩٩.