للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢ - وَذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَعَهُّدِ النَّاسِ بِالْوَعْظِ وَمُرَاعَاةِ الأَْوْقَاتِ فِي وَعْظِهِمْ، وَيَتَحَرَّى مِنَ الأَْوْقَاتِ مَا كَانَ مَظِنَّةَ الْقَبُول، وَلاَ يَعِظُ النَّاسَ كُل يَوْمٍ حَتَّى لاَ يَسْأَمُوا مِنْ سَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ.

وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ الْحَاجَةُ مَعَ مُرَاعَاةِ وُجُودِ النَّشَاطِ مِنَ النَّاسِ، لأَِنَّ الْمَوَاعِظَ إِذَا كَثُرَتْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقُلُوبِ فَتَسْقُطُ بِالإِْكْثَارِ فَائِدَةُ الْمَوَاعِظِ.

وَذَهَبَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا إِلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ يَجْعَل الْوَاعِظُ لِوَعْظِهِ وَقْتًا مُحَدَّدًا كَيَوْمِ الْخَمِيسِ (١) ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَْيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا (٢) .

وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا " أَنَّهُ كَانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُل خَمِيسٍ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُل يَوْمٍ، قَال: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا " (٣) .


(١) فتح الباري ١ / ١٦٢ - ١٦٣، عمدة القارئ ٢ / ٤٤ - ٤٧ الطبعة المنيرية، وقواعد الأحكام ٢ / ١٧٦ ط دار الكتب العلمية، والآداب الشرعية ٢ / ١٠٨ ط مكتبة الرياض الحدثية.
(٢) حديث: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. . ". أخرجه البخاري (الفتح ١ / ١٦٢) .
(٣) حديث ابن مسعود: " أنه كان يذكر الناس. . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ١٦٣) .