للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْل الْبَوَادِي، لأَِنَّ هَؤُلاَءِ يَأْكُلُونَ لِلضَّرُورَةِ مَا يَجِدُونَ مَهْمَا كَانَ.

فَمَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي أَمْصَارِ الْحِجَازِ يُرَدُّ إِلَى أَقْرَبِ مَا يُشْبِهُهُ فِي بِلاَدِهِمْ. فَإِنْ أَشْبَهَ مَا اسْتَطَابُوهُ حَل، وَإِنْ أَشْبَهَ مَا اسْتَخْبَثُوهُ حَرُمَ. وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ شَيْئًا مِمَّا عِنْدَهُمْ حَل، لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً. . .} (١) الآْيَةَ.

هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. (٢) وَصَرَّحَ بِنَحْوِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مَعَ اخْتِلاَفَاتٍ يَسِيرَةٍ تُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كُتُبِهِمْ. (٣)

٦٣ - وَالْمَالِكِيَّةُ يُحِلُّونَ كُل مَا لاَ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (٤)

فَالْمَالِكِيَّةُ لاَ يَعْتَبِرُونَ اسْتِطَابَةَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْل الْحِجَازِ وَلاَ اسْتِخْبَاثَهُمْ وَلاَ الْمُشَابَهَةَ أَسَاسًا فِي تَفْسِيرِ الطَّيِّبَاتِ.

وَمِمَّا يُسْتَدَل بِهِ عَلَى ذَلِكَ مَجْمُوعُ الآْيَاتِ الثَّلاَثِ التَّالِيَةِ، هِيَ قَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} ، وَقَوْلُهُ: {قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ. .} الآْيَةَ، وَقَوْلُهُ: {وَقَدْ فَصَّل لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (٥) فَمِنْهَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَا اسْتَثْنَاهُ النَّصُّ مِنْ عُمُومِ الآْيَةِ الأُْولَى، فَيَبْقَى مَا سِوَاهُ دَاخِلاً فِي عُمُومِهَا الْمُبِيحِ.


(١) سورة الأنعام / ١٤٥.
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ١٩٤.
(٣) البجيرمي على الخطيب ٤ / ٢٥٧، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣١١.
(٤) الشرح الصغير ١ / ٣٢٢.
(٥) موطن الآية الأولى: البقرة / ٢٩، والثانية الأنعام / ١٤٥، والثالثة: الأنعام ١١٩.