للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَوْقُوفَ مَتَى شَاءَ أَوْ يَهَبَهُ أَوْ يَرْجِعَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَلاَ الْوَقْفُ؛ لأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ وَيُحْتَمَل أَنْ يَفْسُدَ الشَّرْطُ وَيَصِحَّ الْوَقْفُ بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الْوَقْفِ فَسَدَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ، وَلأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهِ كَالْعَقْدِ (١) .

وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ حِينَ الْوَقْفِ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَعْلُومَةً كَأَنْ قَال: وَقَفْتُ دَارِي هَذِهِ عَلَى كَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ تَمَامُ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ.

وَقَال مُحَمَّدٌ: الْوَقْفُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ تَمَامُ الْقَبْضِ لِيَنْقَطِعَ حَقُّ الْوَاقِفِ، وَبِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ يَفُوتُ هَذَا الشَّرْطُ، وَاخْتَارَ هِلاَلٌ قَوْل مُحَمَّدٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْل يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ كَالإِْعْتَاقِ فِي أَنَّهُ إِزَالَةُ الْمِلْكِ لاَ إِلَى مَالِكٍ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ وَبَطَل الشَّرْطُ، فَكَذَا يَجِبُ هَذَا.


(١) الروضة ٥ / ٣٢٨، ٣٢٩، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨٥، والمغني ٥ / ٦٠٦، والإنصاف ٧ / ٢٥.