للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُحْبَسُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ مَا فِي جَوْفِهَا مِنَ النَّجَاسَةِ يَزُول فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا.

هَذِهِ خُلاَصَةُ مَا أَفَادَهُ صَاحِبُ " الْبَدَائِعِ " (١) وَيُؤْخَذُ مِنَ " الدُّرِّ الْمُخْتَارِ " وَحَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، وَتَقْرِيرُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ كَرَاهَةَ الْجَلاَّلَةِ تَنْزِيهِيَّةٌ لاَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَأَنَّ صَاحِبَ " التَّجْنِيسِ " اخْتَارَ حَبْسَ الدَّجَاجَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَالشَّاةِ أَرْبَعَةً، وَالإِْبِل وَالْبَقَرَةِ عَشْرَةً، وَأَنَّ السَّرَخْسِيَّ قَال: الأَْصَحُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَأَنَّهَا تُحْبَسُ حَتَّى تَزُول الرَّائِحَةُ الْمُنْتِنَةُ. (٢)

٧٢ - وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرٌ فِي لَحْمِ الْجَلاَّلَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنَ الدَّوَابِّ أَمْ مِنَ الطُّيُورِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ فِي الطَّعْمِ أَمِ اللَّوْنِ أَمِ الرِّيحِ، فَفِيهَا وَجْهَانِ لأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ الْحُرْمَةُ، وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ الْكَرَاهَةُ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، لأَِنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِتَغَيُّرِ اللَّحْمِ فَلاَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ.

وَيُلْحَقُ بِالْجَلاَّلَةِ وَلَدُهَا الَّذِي يُوجَدُ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ ذَكَاتِهَا، إِذَا وُجِدَ مَيِّتًا وَظَهَرَ فِيهِ التَّغَيُّرُ، وَكَذَلِكَ الْعَنْزُ الَّتِي رُبِّيَتْ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ أَوْ خِنْزِيرَةٍ إِذَا تَغَيَّرَ - لَحْمُهَا. فَإِنْ عُلِفَتِ الْجَلاَّلَةُ، أَوْ لَمْ تُعْلَفْ، فَطَابَ لَحْمُهَا حَل بِلاَ كَرَاهَةٍ، لِزَوَال عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ التَّغَيُّرُ. وَلاَ تَقْدِيرَ لِمُدَّةِ الْعَلَفِ. وَتَقْدِيرُهَا بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الْبَعِيرِ، وَثَلاَثِينَ فِي الْبَقَرِ، وَسَبْعَةٍ فِي الشَّاةِ، وَثَلاَثَةٍ فِي الدَّجَاجَةِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ. وَلاَ يَكْفِي


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٣٩ - ٤٠.
(٢) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه ٥ / ١٩٤ - ١٩٦ و ٢١٧ وتقرير الرافعي ٢ / ٣٠٥.