للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَأَوْلاَدِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ حَتَّى وَإِنْ جَعَل آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ؛ لأَِنَّ بَيْتَ الْمَال هُوَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَبَّدَهُ عَلَى مَصْرِفِهِ الشَّرْعِيِّ يُثَابُ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ أُمَرَاءَ الْجَوْرِ الَّذِينَ يَصْرِفُونَهُ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ الشَّرْعِيِّ، فَيَكُونُ قَدْ مَنَعَ مَنْ يَجِيءُ مِنْهُمْ وَيَتَصَرَّفُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ:: مَا يَقِفُهُ السَّلاَطِينُ عَلَى الْخَيْرَاتِ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِمْ لِمَا حَبَسُوهُ صَحِيحٌ؛ لأَِنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيل الْوَاقِفِ، فَوَقْفُهُ صَحِيحٌ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى مَا إِذَا حَبَسَ الْمُلُوكُ مُعْتَقِدِينَ فِيهِ أَنَّهُمْ وُكَلاَءُ الْمُلاَّكِ، فَإِنْ حَبَسُوهُ مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ بَطَل تَحْبِيسُهُمْ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (٢) .

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِصِحَّةِ وَقْفِ الإِْمَامِ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَال، وَأَفْتَى بِهِ أَيْضًا أَبُو سَعِيدِ بْنُ عَصْرُونَ لِلسُّلْطَانِ نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ مُتَمَسِّكًا بِوَقْفِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَوَادَ الْعِرَاقِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ.

وَقَال النَّوَوِيُّ:: لَوْ رَأَى الإِْمَامُ وَقْفَ أَرْضِ


(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه ٣ / ٣٩٣.
(٢) حاشية الدسوقي ٤ / ٧٦، والفروق للقرافي ٣ / ٧.