للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذمِّيًّا لأَِنَّ الذِّمِّيَّ مَوْضِعُ قُرْبَةٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ (١) ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَتْ عَلَى أَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ (٢) .

وَإِذَا كَانَ الأَْصْل فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جِهَةَ قُرْبَةٍ إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي الأَْصَحِّ لَمْ يَشْتَرِطُوا ظُهُورَ الْقُرْبَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، قَالُوا: لأَِنَّ الْوَقْفَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قُرْبَةٌ وَلِهَذَا جَازَ عِنْدَهُمُ الْوَقْفُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ لاَ يُجِيزُونَ الْوَقْفَ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ وَحْدَهُمْ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ قُرْبَةً فِي نَظَرِهِمْ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِلاَّ أَنْ يُجْعَل الْوَقْفُ بَعْدَ الأَْغْنِيَاءِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَجُوزُ، كَمَا لاَ يَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْوَقْفُ عَلَى طَائِفَةِ الأَْغْنِيَاءِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ نَظَرًا إِلَى اشْتِرَاطِ ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ (٣) .

وَنَظَرًا لاِشْتِرَاطِِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جِهَةَ


(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣٦٠، ٣٦١، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤ / ٧٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣٧٩، ٣٨٠، والمهذب ١ / ٤٤٨، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٤٩٢، ٤٩٣، والمغني ٥ / ٦٤٤، ٦٤٦.
(٢) أثر أن صفية وقفت على أخ لها يهودي. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦ / ٣٣) بلفظ. . عن ابن عمر أن صفية ابنة حي أوصت لابن أخ لها يهودي.
(٣) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٥٧، والدسوقي مع الشرح الكبير ٤ / ٧٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨١، وكشاف القناع ٤ / ٢٤٧.