للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَيْل أَوْ كَرَاهَتَهَا لِكَوْنِهَا آلَةَ الْجِهَادِ لاَ لاِسْتِخْبَاثِ لَحْمِهَا، وَاللَّبَنُ لَيْسَ آلَةَ الْجِهَادِ. وَنُقِل عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي لَبَنِ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ. وَإِنْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ فَهُوَ مَأْكُولٌ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَإِنْ خَرَجَ مِنْ آدَمِيَّةٍ مَيِّتَةٍ فَهُوَ مَأْكُولٌ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الآْدَمِيَّ لاَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ. (١) وَكَذَا أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ كَأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ مَعَ قَوْلِهِ بِنَجَاسَةِ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ يَقُول: إِنَّ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ مَأْكُولٌ، خِلاَفًا لِلصَّاحِبَيْنِ.

وَإِنْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ مَيِّتَةِ الْمَأْكُول، كَالنَّعْجَةِ مَثَلاً، فَهُوَ طَاهِرٌ مَأْكُولٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَيَرَى صَاحِبَاهُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ حَرَامٌ لِتَنَجُّسِهِ بِنَجَاسَةِ الْوِعَاءِ، وَهُوَ ضَرْعُ الْمَيْتَةِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ.

وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِطَهَارَتِهِ وَإِبَاحَتِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَْنْعَامِ لَعِبْرَةٌ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} . (٢)

وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَالِصًا فَلاَ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ مَجْرَاهُ، وَوَصَفَهُ بِكَوْنِهِ سَائِغًا وَهَذَا يَقْتَضِي الْحِل، وَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِهِ، وَالْمِنَّةُ بِالْحَلاَل لاَ


(١) يلاحظ أن كلا من المالكية والشافعية والحنابلة لهم قولان والراجح عند الجميع طهارة ميتة الآدمي. وللحنفية قولان أيضا، والراجح عندهم النجاسة.
(٢) سورة النحل / ٦٦.