للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاِسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ إِلاَّ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ، فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: الأَْوَّل: إِذْنُ الْقَاضِي، فَلَوْ يَبْعُدُ عَنْهُ يَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ.

الثَّانِي: أَلاَّ يَتَيَسَّرَ إِجَارَةُ الْعَيْنِ وَالصَّرْفُ مِنْ أُجْرَتِهَا.

وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّ الاِسْتِدَانَةَ عَلَى الْوَقْفِ لاَ تَجُوزُ إِذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ الْوَاقِفِ، لأَِنَّ الدِّينَ لاَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً إِلاَّ فِي الذِّمَّةِ، وَالْوَقْفُ لاَ ذِمَّةَ لَهُ، وَالْفُقَرَاءُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ لَكِنْ لِكَثْرَتِهِمْ لاَ تُتَصَوَّرُ مُطَالَبَتُهُمْ، فَلاَ يَثْبُتُ إِلاَّ عَلَى الْقَيِّمِ وَمَا وَجَبَ عَلَى الْقَيِّمِ لاَ يَمْلِكُ قَضَاءَهُ مِنْ غَلَّةِ الْفُقَرَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. لَكِنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الاِسْتِدَانَةِ بُدٌّ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِأَمْرِ الْقَاضِي إِنْ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا عَنِ الْمُتَوَلِّي، لأَِنَّ وِلاَيَةَ الْقَاضِي أَعَمُّ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.

أَمَّا مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ - كَالصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ - فَلاَ تَجُوزُ الاِسْتِدَانَةُ لأَِجْل ذَلِكَ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، إِلاَّ مَا يُعْطَى لِلإِْمَامِ وَالْخَطِيبِ وَالْمُؤَذِّنِ لأَِنَّ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فِيمَا يَظْهَرُ، كَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الاِسْتِدَانَةُ لِلْحُصْرِ وَالزَّيْتِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ.