للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنَ الأَْرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكَرَائِهَا فَلاَ بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسًا مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنَ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَالْغِبْطَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُعَوَّضِ عَنْهُ وَيُسَجَّل ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ (١) .

وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْعَ الْعَقَارِ لِضَرُورَةِ تَوْسِيعِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ. وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُل مَسْجِدٍ وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالأَْخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إِنِ احْتِيجَ لِذَلِكَ، لاَ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ إِذْ لَيْسَتِ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ.

كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ لِتَوْسِعَةِ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ لِمُرُورِ النَّاسِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ لِذَلِكَ وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَوِ النَّاظِرِ، وَأَمَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ وُجُوبًا بِجَعْل ثَمَنِهِ فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ، وَلاَ يُجْبِرُهُمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْجَعْل فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ، أَيْ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِهِ.


(١) التاج والإكليل ٦ / ٤٢.