للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يُسْنِدَ النَّظَرَ إِلَى غَيْرِهِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يُفَوِّضَ الْمُتَوَلِّي النَّظَرَ إِلَى غَيْرِهِ فِي حَال صِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إِلَى غَيْرِهِ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال الْوَاقِفُ: جَعَلْتُ النَّظَرَ لِفُلاَنٍ، وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَ النَّظَرَ إِلَى مَنْ أَرَادَ، جَازَ ذَلِكَ، وَهَل يَزُول نَظَرُ الْمُفَوِّضِ، أَوْ يَكُونُ الْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ وَكِيلاً عَنِ الْمُفَوِّضِ؟ رَأْيَانِ: الأَْوَّل، وَهُوَ الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَزُول نَظَرُ الْمُفَوِّضِ، فَلَوْ أَسْنَدَ الْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ النَّظَرَ إِلَى شَخْصٍ ثَالِثٍ، فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ وَلاَ لِلْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ عَزْلُهُ وَلاَ مُشَارَكَتُهُ، وَلاَ يَعُودُ النَّظَرُ إِلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لأَِنَّ التَّفْوِيضَ بِمَثَابَةِ التَّمْلِيكِ.

وَالثَّانِي - وَهُوَ لِلإِْمَامِ السُّبْكِيِّ -: أَنَّهُ يَكُونُ الْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ وَكِيلاً عَنِ الْمُفَوِّضِ، فَلَوْ مَاتَ الْمُفَوِّضُ لاَ يَبْقَى النَّظَرُ لِلْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ يَعُودُ النَّظَرُ لِلْمُفَوِّضِ، لأَِنَّهُ كَالْوَكِيل (٢) .

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ النَّاظِرَ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ مِنْ قِبَل الْوَاقِفِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ وَعَزْلُهُ؛ لأَِصَالَةِ وِلاَيَتِهِ، أَشْبَهَ الْمُتَصَرِّفَ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٤١١ - ٤١٢.
(٢) مغني المحتاج ٢ / ٣٩٤، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٩٩، وتحفة المحتاج ٦ / ٢٩١.