للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَرَضٌ مُعَيَّنٌ فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل تَفْوِيتُهُ عَلَيْهِ.

أَمَّا إِنْ كَانَ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُعَيَّنٌ بِأَنْ كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءً فِي نَظَرِ الْمُوَكِّل. فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيل أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهَذَا الْمَكَانِ، وَجَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي مَكَانٍ آخَرَ، وَذَلِكَ لِمُسَاوَاتِهِ الْمَكَانَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي الْغَرَضِ، فَكَانَ تَنْصِيصُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا إِذْنًا فِي الآْخَرِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ تَقَيُّدِ الْوَكِيل بِالْمَكَانِ الَّذِي حَدَّدَهُ الْمُوَكِّلُ، فَإِذَا خَالَفَ كَانَ ضَامِنًا، وَلاَ يُلْزِمُ الْمُوَكِّل بِالْبَيْعِ الْمُخَالِفِ، لأَِنَّ مَقْصُودَهُ سِعْرُ الْمَكَانِ الَّذِي قُيِّدَ الْبَيْعُ فِيهِ فَلاَ تَصِحُّ مُخَالَفَةٌ مَقْصُودَةٌ. (١)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ الْمُخَالِفَ لِقَيْدِ الْمَكَانِ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَإِلاَّ لاَ يَنْفُذُ، وَلَهُ رَدُّ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَقِيمَتُهَا إِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ، سَوَاءً كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الأَْغْرَاضُ أَمْ لاَ. (٢)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ، لأَِنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَيْهِ دَل عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ


(١) المبسوط ١٩ / ٥٤ - ٥٥، وتكملة ابن عابدين ٧ / ٣٦٦.
(٢) شرح الخرشي ٧ / ٧٣، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل ٥ / ١٩٦، وعقد الجواهر الثمينة ٢ / ٦٨٤، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٨٣.