للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:

فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل فِي قَبْضِ الْحَقِّ يَكُونُ وَكِيلاً فِي الْخُصُومَةِ إِذَا جَحَدَهُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، لأَِنَّهُ لاَ يَتَوَصَّل إِلَى الْقَبْضِ إِلاَّ بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ فَكَانَ إِذْنًا فِيهِ عُرْفًا.

وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَقِّ الْمَأْذُونِ فِي قَبْضِهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، كَمَا لاَ فَرْقَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ رَبُّ الْحَقِّ عَالِمًا بِبَذْل الْغَرِيمِ مَا عَلَيْهِ، أَوْ جَحْدِهُ أَوْ مَطْلِهُ. (١)

وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ - كَمَا جَاءَ فِي الْفُنُونِ - صِحَّةَ خُصُومَةِ الْوَكِيل بِالْقَبْضِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَكِيل يَعْلَمُ ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ فِي الْخُصُومَةِ، وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْل - كَمَا قَال ابْنُ مُفْلِحٍ - صِحَّةُ الْخُصُومَةِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ ظُلْمَ الْمُوَكِّلِ، فَلَوْ ظَنَّ ظُلْمَهُ جَازَ وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ، وَمَعَ الشَّكِّ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالاَنِ: قَال ابْنُ مُفْلِحٍ: لَعَل الْجَوَازَ أَوْلَى. (٢)

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل بِالْقَبْضِ لاَ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ فِي


(١) المغني مع الشرح الكبير ٥ / ٢١٩، والإنصاف ٥ / ٣٩٤، ومعونة أولي النهى ٤ / ٦٦٣، والمهذب ١ / ٣٥٨.
(٢) الانصاف ٥ / ٣٩٤.