للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ ـ عَدَا زُفَرَ ـ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيل حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يُسْتَوْفَى الثَّمَنُ مِنَ الْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الْوَكِيل عَاقِدٌ وَجَبَ الثَّمَنُ لَهُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ ضَمَانًا لِلْمَبِيعِ فَكَانَ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَالْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي (١) .

وَذَهَبَ زُفَرُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحَبْسِ، لأَِنَّ الْمَبِيعَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ، لأَِنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ، فَالْهَلاَكُ عَلَى الْمُوَكِّل حَتَّى لاَ يَسْقُطَ الثَّمَنُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِلأَْمِينِ حَبْسُ الأَْمَانَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْ أَهْلِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:؟ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ؟ (٢) فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ (٣) .

وَلَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ الْمُوَكِّل فَحَبَسَهُ الْوَكِيل حَتَّى هَلَكَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ (٤) وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ:

فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا ضَمَانَ الْبَيْعِ، لأَِنَّ هَذِهِ عَيْنٌ مَحْبُوسَةٌ بِدَيْنٍ هُوَ ثَمَنٌ فَكَانَتْ مَضْمُونَةً


(١) البدائع ٧ / ٣٤٨٥، تكملة ابن عابدين ٧ / ٣٠٣، وما بعدها، وتكملة فتح القدير ٨ / ٤٠، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٨٧.
(٢) سورة النساء / ٥٨.
(٣) البدائع ٧ / ٣٤٨٥، تكملة ابن عابدين ٧ / ٣٠٣، وما بعدها، وتكملة فتح القدير ٨ / ٤٠، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٨٧.
(٤) البدائع ٧ / ٣٤٨٥، والمادة ١٤٩٢ من مجلة الأحكام العدلية.