للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ.

فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْعَزْل بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ، لأَِنَّ فِي الْعَزْل إِبْطَال حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَلاَ سَبِيل إِلَيْهِ، وَهُوَ كَمَنْ رَهَنَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَجَعَل الْمُرْتَهِنَ أَوِ الْعَدْل مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ عِنْدَ حِل الأَْجَلِ، فَعَزْل الرَّاهِنِ الْمُسَلَّطِ عَلَى الْبَيْعِ لاَ يَصِحُّ بِهِ عَزْلُهُ.

وَكَذَلِكَ إِذَا وَكَّل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلاً بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْمُدَّعِي بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي فَعَزَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُدَّعِي لاَ يَنْعَزِل.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَنْ وَكَّل رَجُلاً بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ إِنْ غَابَ، ثُمَّ عَزَلَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ غَابَ، قَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَصِحُّ عَزْلُهُ، لأَِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ حَقُّ الْمَرْأَةِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ عَزْلُهُ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الطَّلاَقِ وَلاَ عَلَى التَّوْكِيل بِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَكَالاَتِ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا قَال الْمُوَكِّل: عَزَلْتُ الْوَكِيل أَوْ رَفَعْتُ الْوَكَالَةَ، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٥٢ - ٥٣، وانظر المادة من مجلة الأحكام العدلية. ص ١٠٥.