للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا.

فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُعْتِقُ الْمُعْتَقَ مَعَ اخْتِلاَفِ دِينَيْهِمَا، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. (١) وَلأَِنَّهُ مِيرَاثٌ، فَيَمْنَعُهُ اخْتِلاَفُ الدِّينِ، كَمِيرَاثِ النَّسَبِ، وَلأَِنَّ اخْتِلاَفَ الدِّينِ مَانِعٌ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَمَنْعُ الْمِيرَاثِ بِالْوَلاَءِ كَالْقَتْل وَالرِّقِّ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْمِيرَاثَ بِالنَّسَبِ أَقْوَى، فَإِذَا مُنِعَ الأَْقْوَى فَالأَْضْعَفُ أَوْلَى وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَ الْوَلاَءَ بِالنَّسَبِ بِقَوْلِهِ: الْوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ. وَكَمَا يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدِّينِ التَّوَارُثَ مَعَ صِحَّةِ النَّسَبِ وَثُبُوتِهِ، كَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مَعَ صِحَّةِ الْوَلاَءِ وَثُبُوتِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى الإِْسْلاَمِ تَوَارَثَا كَالْمُتَنَاسِبَيْنِ، وَهَذَا أَصَحُّ فِي الأَْثَرِ وَالنَّظَرِ ". (٢)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّ الْوَلاَءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لاَ لِلْمُعْتِقِ الْكَافِرِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ.


(١) حديث: " لا يرث المسلم الكافر. . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٢ ٥٠ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ ١٢٣٣ - ط الحلبي) .
(٢) السيل الجرار للشوكاني ٣ ٤٠٠، وبدائع الصنائع ٤ ١٦١، والمهذب ٢ ٢٥، ومغني المحتاج ٣ ٢٠، ٢٤، والمغني ٩ ٢١٧، والإنصاف ج٧ ص٣٨٣، ٣٨٤، وأحكام أهل الذمة لابن القيم ٢ ٤٧٢ وما بعدها.