للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ الرِّزْقَ - مَعَ غِنَاهُ - مِنْ مَال الزَّكَاةِ لِقِيَامِهِ عَلَى مَصَالِحِهَا، كَذَلِكَ أَهْل الْوِلاَيَاتِ الْعَامَّةِ يَسْتَحِقُّونَ رِزْقَهُمْ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ لِتَفَرُّغِهِمْ بِالْقِيَامِ عَلَى مَصَالِحِهِمْ وَاحْتِبَاسِهِمْ بِحَقِّ الْعَامَّةِ.

فَلَوْ لَمْ يُفْرَضْ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَال لَتَعَطَّلَتِ الْمَصَالِحُ وَضَاعَتِ الْحُقُوقُ لاِنْشِغَالِهِمْ عَنْهَا بِالسَّعْيِ فِي الاِكْتِسَابِ، وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ لأَِخْذِهِمُ الرِّشْوَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْمَال الْحَرَامِ. فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ سَدِّ الذَّرِيعَةِ إِلَى ذَلِكَ بِكِفَايَتِهِمْ وَمَنْ يَعُولُونَ مِنْ بَيْتِ الْمَال. (١)

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلاً فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا. (٢)

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَال: لَقَدْ عَلِمَ


(١) شرح أدب القاضي للصدر الشهيد ٢ ١١، روضة القضاة ١ ٨٥، وروضة الطالبين ١١ ١٣٧، والمهذب ٢ ٢٩٠، والمبسوط ١٦ ١٠٢، وشرح منتهى الإرادات ٣ ٤٦٢، وتحرير المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال ص ١٤٩، والسياسة الشرعية ص ٧٤، وأحكام القرآن للجصاص ٢ ٣٦٣، وأحكام القرآن لابن العربي ١ ٣٢٦.
(٢) حديث: " من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة. . . " أخرجه أبو داود (٣ ٣٥٤ ـ ط حمص) والحاكم (١ ٤٠٦ ـ ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم.